مذهب المنفعة والبراغماتية في العصر الحديث


شهد العصر الحديث ظهور اتجاهين متباينَيْن في الغرب حول الموقف من الدِّين:

الأول: يرفض الدِّين ويُعاديه.

والثاني: ينظر إلى محاسن الدين وآثاره الاجتماعية، وهذا الاتجاه قد يقترن به الإيمان أو الإلحاد، لأنَّ للدين آثارًا باهرة في النفس والأخلاق والاجتماع، يقرُّ بها كثيرٌ من الملاحدة، ولا يرون ذلك مقتضيًا للإيمان، لأنهم يعدُّون الدِّين جزءً من الميراث الإنسانيِّ، لهذا فليس من عجبٍ أن نجدَ أكثرَ الناس في العالم الغربيِّ لا يتَّخذون موقفًا عدائيًّا من الأديان؛ ومن خلال تجربتي الطويلة في هذا الميدان وجدتُ أن أكثر الغربيِّين يتَّخذون نفس الموقف من الإسلام، ويمتدحون الإسلام بما يمتدحون به اليهوديةَ والنصرانية والبوذيَّة وغيرها، ويريدون بذلك القدر المشترك في الحثِّ على الفضائل والمحافظة على الأسرة وخدمة المجتمع.

هذا الموقف من الدين له جذور فلسفية من الفلسفة اليونانية القديمة، كما أنَّ له جذورًا من الاتجاهات الفكرية التي ظهرت مع بوادر النهضة المادية، حيث جمع الإنسان الغربيُّ كليَّته على تعظيم المادة، والانكباب على الحياة الدنيا، والجحود بالجانب الرُّوحي والغيبي، وفي تلك البيئة ظهرت المدارس الماديَّة والنفعيَّة، وصار معيار الحقِّ والخير فيما هو نافع في العاجلة، بعيدًا عن ميزان الحقِّ والنبوة والديانة والآخرة، وما أصدقَ ما قاله الكاتب والصحفي والمفكر الشهير محمد أسد (1900-1992م): «إنَّ الأوروبيَّ العاديَّ ـ سواءٌ عليه أكانَ ديمقراطيًّا أم فاشيًّا، رأسماليًّا أم بلشفيًّا، صانعًا أم مفكِّرًا ـ يعرف دينًا إيجابيًّا واحدًا هو: «التعبُّدُ للرقيِّ الماديِّ»، أي: الاعتقادُ بأنْ ليسَ في الحياة هدفٌ آخرُ سوى جعل هذه الحياة نفسها أيسرَ فأيسر، أو كما يقول التعبير الدَّارجُ: طليقةً من ظُلم الطَّبيعة!»([1]).

هذا الوصف لحال الغربيين الذين اجتمعت كلمتهم على طلب السعادة مهما اختلفت أديانهم؛ يذكرنا بقول أبي نصر الفارابي (ت: 339/950): «السعادة هي الخير على الإطلاق، وكل ما ينفع في أن تبلغ به السعادة وتُنال به فهو أيضًا خير، لا لأجل ذاته، لكن لأجل نفعه في السعادة،...»، إلى أن قال: «قد يمكن أن تكون أُممٌ فاضلة، ومدن فاضلة، تختلف مِلَلُهم، وإن كانوا كلهم يَؤُمُّون سعادةً واحدةً بعينها،...»([2]).

لقد كان للفلاسفة والمفكرين الغربيين ـ الذين أسَّسوا للتفسير الماديِّ والنفعيِّ والأخلاقيِّ للدِّين ـ أبلغ الأثر في تكوين عقلية الإنسان الغربيِّ وفكره، وانعكس ذلك على موقفه الشخصي من الدين، ونظره إلى الأديان عمومًا، كما انعكس على النظم الاجتماعية والسياسية في العالم الغربي.

نستطيع أن نستشهد هنا بالمؤرخ والفيلسوف الاسكتلنديِّ ديفيد هُيْوم David Hume (1711-1776م)، الذي استخدم المعيار النَّفعيَّ لقياس جدوى الدين عامَّة، وعرض نوعين من الحجج المتقابلة في كتابه «محاورات في الدين الطبيعي»، يؤكد النوع الأول منهما على جدوى الدين - مثل كونه يقدِّم تفسيرًا للكون، ويؤسس بالإلزام الديني والجزاء الأخروي لانضباط المجتمع أخلاقيًّا -، بينما يفنِّد النوع الثاني حجج النوع الأول من جهة، ويقدِّم حججًا مضادَّة من جهة أخرى - مثل الزعم بأن الدين مسؤول عن الفتن الطائفية والحروب الأهلية والاضطهاد والعبودية -، ويعيد طرح ادعاءات الفلاسفة المتقدمين بأنهم ليسوا بحاجة للدوافع الدينية لأنهم يستخدمون عقولهم بطريقة تجعلهم ملتزمين بالأخلاق دونما اعتبار لثوابٍ أو عقابٍ أبديِّ، وأما عامةُ الناسِ فهم وحدَهم الذين ربَّما يكونون بحاجة لمثل هذه الدوافع([3]).

لقد ذكرنا فيما سبق أن غلاة الفلاسفة جعلوا غاية الدين في المنفعة الدنيوية المترتبة على العمل به، ومن - هنا - يمكن ربط جذور التفسير النفعي للدين ببعض آراء غلاة الفلاسفة المتقدِّمين، لكن البروز الأوضح والأكبر لهذا المذهب كان في العصر الحديث، وهو بأصوله الفلسفية يناقض الفلسفات القديمة التي كانت منطلقاتها الأساسية: العلمُ والفكر والتصور، بينما تبني البراغماتية فلسفتها على قاعدة العمل والسلوك الواقعي([4]).

يقول جون شايلدز: «الحركة التي تعرف في الفلسفة باسم: البرغماتية، والأداتية، والتجريبية؛ هي في الواقع تعبير عن الثقافة الأمريكية، وأبرز ملامحها: صفتُها التجريبية، فهي تقبل الخبرة الإنسانية العادية منبعًا نهائيًّا، وامتحانًا أخيرًا لكلِّ معرفة وقيمة، وقد ولد مؤسسوها الأربعة: شارلس بيرس Charles Sanders Peirce (1839-1914)، ووليم جيمس William James (1842-1910)، وجون ديوي John Dewey  (1859-1952)، وجورج هربرت ميد George Herbert Mead (1863-1931) في أمريكا»([5]).

فالبرغماتية فلسفة تعبِّرُ عن مزاج العالم الجديد المعروف بأمريكا، فهي فلسفة لا ترجع في تاريخها إلى أكثر من قرن من الزمان، وهي ثمرة التفاعل بين الأفكار التي حملها المهاجرون الأوروبيون إلى أمريكا، وبين البيئة الجديدة التي نشؤوا فيها([6]). ورغم حداثة هذه الفلسفة فقد أثَّرت بشكل قوي وغائر في الفكر الديني والفلسفي والاجتماعي والسياسي المعاصر، وصارت «النفعية» هي أهم العوامل الحاكمة للفكر والسلوك على مستوى الفرد والمجتمع والدولة في الولايات المتحدة الأمريكية خاصةً، والعالم الغربي عامةً، واتَّسع ذلك التأثير إلى العالم كله بسبب تفوق الغرب في جميع الميادين المؤثرة في الأمم؛ لهذا سنتطرق هنا للتعريف بهذه الفلسفة بشيء من التفصيل.

«البراغماتيَّة» بالإنكليزية: Pragmatism، وأصلها اليوناني: Pragmaticus، تُعبَّر عنها في العربية بـ: «الذَّريعيَّة» أو «الذرائعيَّة»، أو «العملية»، أو «العَمَلانِيَّة»، أو «الأداتية»، وبنحو ذلك من الألفاظ حسب اختلاف الترجمة أو التوجهات المختلفة في إطار هذه الفلسفة. وهي اسم مشتقٌّ من اللفظ اليونانيَّ: براغما pragma، ويُعبَّر عنه بالإنكليزية بكلمة: action، أي: عمل، فعل، تصرف، سلوك، نشاط، فعاليَّة. أو affair، أي: مسألة، أمر، شأن - تجاريًّا كان أم سياسيًّا أم مهنيًّا -، أو غير ذلك. ويُذكر عن المؤرخ اليوناني بوليبيوس Polybius (ت: 118 ق. م.) أنَّه سمَّى كتاباته بـ: pragmatic، مما يدلُّ على أنه كان يهدف إلى أن تكون مفيدة ونافعة للقراء([7]).

أما مصطلح: «النفعية» أو «النفعانية» Utilitarianism فيرادف البراغماتية في هذا السياق بمعناه العام([8])، فيطلق على: «كل مذهب يجعل من النافع أساسَ كلِّ القيم في مجال المعرفة، وكذلك في مجال العمل. فيدل اسم «نفعية» على النسق الذي يكمن في إرجاع معنى الصحيح العادل إلى معنى النافع، وتاليًا: في جعل المنفعة أساسًا للحقِّ والأخلاق»([9]).

«البراغماتية: مذهب فلسفيٌّ يقرِّرُ أن العقل لا يبلغ غايته إلا إذا قاد صاحبه إلى العمل الناجع، فالفكرة الصحيحة هي الفكرة الناجحة، أي: الفكرة التي تحققها التجربة، فكل ما يتحقق بالفعل فهو حقٌّ، ولا يُقاس صدق القضية إلا بنتائجها العملية. ومعنى ذلك كلِّه أنه لا يوجد في العقل معرفة أولية تستنبط منها نتائج صحيحة بصرف النظر عن جانبها التطبيقيِّ، بل الأمر كلُّه رهنٌ بنتائج التجربة العملية التي تقطع مظانَّ الاشتباه. وإذا كانت الحقائق العلمية تتغيَّر بتغيُّر العصور فإن الصادق بالحاضر قد يصبح غير صادق في المستقبل. ونتيجة ذلك واضحة جدًّا وهي أنَّ صدق القضايا يتغيَّر بتغيُّر العلم، وأنَّ الأمور بنتائجها، وأنَّ الحقَّ نسبيٌّ؛ أي: منسوبٌ إلى زمان معيَّن، ومكان معيَّن، ومرحلة معينة من العلم، فليس المهمُّ إذن أن يقودنا العقل إلى معرفة الأشياء، وإنما المهمُّ أن يقودنا إلى التأثير الناجع فيها. ويقابل هذا المذهب ـ الذي أخذ به: شارل ساندز بيرس (1839-1914م)، ويليام جيمس (1842-1910م)، وجون ديوي (1859-1952م)، الأمريكيون([10]) - مذاهبُ فرنسيةٌ قريبةٌ منه، كقول هنري برغسون (1859-1941م): إن العقل هو القدرة على صنع الأدوات. وقول إدوارد لوروا (1870 - 1954م): تُقاس قيمة الدِّيانة بما تتضمَّنه من قواعد سلوكية، لا بما تتضمَّنه من حقائق. وقول موريس بلوندل (1861 - 1949م): إن العمل هو المحيط بالعقل، فهو يتقدَّم على الفكر ويهيِّئُه، ويتبعه، ويتخطاه، وهو تركيب داخلي لا تمثيل موضوعي. وقوله: إن التفكير في الله عملٌ.

ففي هذه المذاهب كما ترى شيء من البراغماتية، إلا أنها لا تبالغ في إرجاع الحقيقة إلى النجاح العملي، ومع أنَّ بلوندل يُشارك البراغماتيين في بعض آرائهم إلا أنه يسمِّي مذهبه بفلسفة العمل، لا بفلسفة البراغماتية. والبراغماتي Pragmatic هو المنسوب إلى البراغماتية، معناه: العملي أو النفعي.

ومن فروع البراغماتية مذهب الأداة Instrumentalism وهو قول ديوي: النظرية أداة أو آلة للتأثير في التجربة وتبديلها، والمعرفة النظرية وسيلة للسيطرة على المواقف الشاذَّة، أو وسيلة لزيادة قيمة التجارب السابقة من حيث دلالاتها المباشرة. والعلة الأداة instrumental cause عند فلاسفة القرون الوسطى؛ هي العلة الفاعلة»([11]).

ثم ننتقل لأشهر زعماء النظرية البرغماتية ويليام جيمس الذي يوصف بأنه «الزعيم المميَّز للفلسفة الأمريكية»، وهو الذي أبرز هذه النظرية، وترك تأثيرًا فكريًّا واسعًا في العالم الغربي.

يُرجع جيمس قيمة الحقيقة إلى الفائدة، ويجعل المبدأ المؤثِّر في اختيارنا في نشاط الشعور هو الفائدة، فما هو مفيد أو ناجح أو نافع هو «الحق». ويتوسع جيمس في فهم ما هو مفيد أو ناجح أو نافع:

أ- ففي ميدان التجربة الفيزيائية: المفيد هو ما يُمكِّن من التنبؤ، ومن العمل، ومن التأثير والإنتاج.

ب- وفي ميدان التجربة النفسانية أو العقلية: المفيد ما هو مفيد للفكر، وما يزودنا بالشعور بالمعقولية، وهو شعور بالراحة والسلام.

ج- وفي ميدان التجرية الدينية؛ يكون الاعتقاد حقًّا إذا نجح روحيًّا، أي: إذا حقق للنفس الطمأنينة والسلوى، وأعاننا على تحمل تجارب الحياة، وسما بنا فوق أنفسنا([12]).

إن فلسفة جيمس تتلخص في دعوى أن الأفكار تكون صادقة بقدر ما تكون - أو نعتقد أنها تكون - مفيدة لحياتنا، وبالتالي فإن صحَّة العقيدة تتمثل في منفعتها، كما يقول: «إذا أثبتت الأفكار اللاهوتية أن لها قيمة في الحياة الملموسة المحسوسة؛ فهي أفكار صحيحة بالنسبة للبراغماتي، بمعنى أنها نافعة إلى هذا الحدِّ، أما إلى أيِّ حدٍّ أكثر من ذلك هي صحيحة؛ فذلك أمر يتوقف كليًّا على علاقتها بالحقائق الأخرى التي ينبغي الاعتراف بها أيضًا»([13]).

وفي محاضرته عن «البراغماتية والدين» - وهي الأخيرة في كتابه: «البراغماتية» - يبرز حصاد نظريته، فيقول: «في المبادئ البراغماتية لا نستطيع أن نرفض أيَّ فرضية إذا انبثقت عنها نتائج مفيدة للحياة. والمفاهيم ذات الصلة بالكون، ومن حيث هي أشياء ينبغي التفكير بها، وأخذها بنظر الاعتبار، قد تكون حقيقية عند البراغماتية مثلما الأحاسيس المعينة الجزئيَّة سواء بسواء. وهي حقًّا ليس لها مغزى ولا حقيقة إن لم تكن لها فائدة. أما إذا كان لها أي نفع أو فائدة فلها ذلك القدر عينه من المعنى أو المغزى. وسيكون المعنى صحيحًا إذا كانت هذه المنفعة متوائمة ومتفقة مع منافع الحياة الأخرى. وعلى هذا؛ فقد ثبتت فائدة «المطلق»([14]) عبر المسار العام كلِّه للتاريخ الديني للناس قاطبة..». ثم يقول: «طبقًا للمبادئ البراغماتية: إذا كان افتراضُ «الله»([15]) يعمل إكفاءً ورضًا في أوسع معاني الكلمة؛ فهو فرض صحيح. ومهما تكن المصاعب الناتجة عنه؛ فإن الخبرة تبيِّن أنه يعمل إكفاءً ورضًا، ما في ذلك أدنى ريب، والمشكلة هي في بنائه وصوغه وتقريره وتصميمه بحيث يلتحم التحامًا يتَّسمُ بطابع الكفاية والإرضاء مع جميع الحقائق الأخرى... ويمكننا بالمثل أن نعتقد تأسيسًا على الأدلة التي تزوِّدنا بها الخبرةُ الدينية أن هناك قوًى عُليا موجودة، وأنها تعمل لإنقاذ العالم على المخططات المثالية التي تماثل مخططاتنا»([16]).

إنَّ جيمس يرى الحكم على الدِّين لا بشيء إلا بنتائجه([17])، وهو يريد أن يكون الناس سعداء، فإذا كان اعتقادهم في الله يجعلهم سعداء فهذا الاعتقاد صادق. وقد ردَّ رَسِل على جيمس وأظهر تهافت هذا التفسير النفعي للدين والحقائق، وختم بحثه بهذه النكتة النفيسة: «ليس في هذا مقنَعٌ للإنسان الذي يرغب في موضوع يعبده، فهو لا يعنيه أن يقول: إذا آمنت بالله فسأكون سعيدًا. وإنما يعنيه أن يقول: إنني أؤمن بالله ومن ثَمَّ فأنا سعيدٌ! وحين يؤمن بالله فهو يؤمن به كما يؤمن بوجود روزفلت أو تشرشل أو هتلر، فالله عنده كائن واقعيٌّ، وليس مجرد فكرة إنسانية لها آثار خيِّرة، هذا الاعتقاد الحقُّ هو الذي له آثار خيِّرة، وليس البديلُ العاجزُ الذي يعطينا جيمس، فواضح أنني لو قلت: هتلر موجود. فلست أقصد: آثار الاعتقاد بأن هتلر موجود خيِّرةٌ. وعند المؤمن الحقِّ يصدق هذا بالمِثْل على الله»([18]). {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل: 60]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

وقال الفيلسوف الشهير جورج سنتيانا (1863-1953م): «قد تكون عقيدة الإنسان خرافية، ولكن هذه الخرافةُ نفسُها خير ما دامت الحياة تصلح بها، وصلاح الحياة خير من استقامة المنطق الصحيح؛ إذا كانت الحياة تصلحها الخرافة أكثر مما يقوِّمها القياس المنطقي»([19]).

الهوامش:

([1]) «الإسلام على مفترق الطُّرق» ترجمة: عمر فرُّوخ، دار العلم للملايين، بيروت، ص 49.

([2]) «السياسة المدنية» المطبعة الكاثوليكية، بيروت: 1994م، 72، 85-86.

([3]) راجع في شرح هذه الخلاصة في «الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم» للدكتور محمد عثمان الخشت، دار قباء، القاهرة: 1997م، ص: 33 وما بعدها.

([4]) يدرج الفيلسوف الفرنسي أميل بوترو Emile Boutroux (1845-1921م) أبحاثَه عن البراغماتية في (الباب الثالث: فلسفة الفعل)، من كتابه: «العلم والدين في الفلسفة المعاصرة»، ترجمة: د. أحمد فؤاد الأهواني، الهيئة المصرية العامة للكتاب: 1973م، ص: 217.

([5]) جون شايلدز John L. Childs  (1889-1985) في كتابه: American Pragmatism and Education، نقله د. أحمد فؤاد الأهواني في «جون ديوي»، دار المعارف، القاهرة: 1987م، ص: 82، وقال: والمقصود بأمريكا: الولايات المتحدة، وقد جرت عادة الكتَّاب أن ينسبوا الفكر الذي نشأ في الولايات إلى أمريكا، من باب إطلاق الخاص على العام.

([6]) قاله الأهواني في المصدر السابق، واستطرد في الوصف بما لا يتسع المجال لنقله، ص: 82-83.

([7]) راجع مادة Pragmatism في «الموسوعة البريطانية» Encyclopædia Britannica. والمحاضرة الثانية في كتاب: «البرغماتية» لـ: وليم [ويليام] جيمس (1842-1910)، نقله إلى العربية: وليد شحادة، دار الفرقد، دمشق، ص: 49-82.

([8]) «النفعية» - بالمعنى الخاص - اصطلاح على فلسفة أخلاقية محددة، راجع لذلك ما كتبه جميل صليبا ولالاند في مادة «النفعية». وترجمةَ أشهر دعاة مذهب المنفعة في الأخلاق والقانون: الفيلسوف البريطاني جرمي بنثام Jeremy Bentham  (1748-1832)، وتلميذه: جون استورت مل John Sturat Mill (1806-1873) في «موسوعة الفلسفة» للدكتور عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت: 1984م، 1/362 و2/466. وهذه المقدمة لا تتسع للتفصيل في الفروقات والتفرعات الجزئية للمصطلحات واستخداماتها.

([9]) «موسوعة لالاند الفلسفية» للفيلسوف الفرنسي Andre Lalande (1876-1963م)، منشورات عويدات، بيروت: 2001م، 3/1514. وختم جميل صليبا كلامه في «المعجم الفلسفي» 2/499-500 في مادة: «النفعية» Utilitarianism بقوله: «وجملة القول: أن مذهب المنفعة يجعل تحقيق المنفعة مبدءً، وتوفير أكبر قسط من السعادة قاعدة، والاتفاق بين المنفعة الفردية والمنفعة العامة غاية. فالأفعال الصالحة عند النفعيِّين هي التي توصل إلى السعادة، والأفعال السيئة هي التي توصل إلى الشقاء، ومعنى السعادة اللذة الخالية من الألم، ومعنى الشقاء الألم الحالي من اللذة، والسعادة والمنفعة متحدتان ذاتًا». 

([10]) هؤلاء الثلاثة هم الروَّاد المؤسسون للبرغماتية. 

([11]) جميل صليبا في «المعجم الفلسفي»، دار الكتاب اللبناني، بيروت: 1982م، 1/203-204. وتجد بحثًا جيدًا عن البراغماتيَّة في «موسوعة لالاند الفلسفية» منشورات عويدات، بيروت: 2001م، 2/1012-1018، وعُبِّر فيها عن البراغماتيَّة بالذَّريعيَّة. واصطلح على ترجمة البراغماتية في أكثر المؤلفات والموسوعات العربية تحت اسم: الفلسفة العلمية أو النفعية. واختار مصنِّفُو «المعجم الفلسفي» الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة: 1983م، ص: 32، كتابة الكلمة بالجيم وإسقاط الألف: «البرجماتية». ويبدو لنا أن كتابتها بالغين وزيادة الألف أجود وأصحُّ.

([12]) «موسوعة الفلسفة» للدكتور عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت: 1984م، 1/448.

([13]) «البراجماتية» لوليام جيمس، ترجمة: محمد علي العريان، تقديم: زكي نجيب محمود، المركز القومي للترجمة، القاهرة: 2008م، ص: 96.

([14]) يستعمل جيمس لفظ «المطلق» متجنبًا استعمال لفظ «الله» أو «الرب»، وهو يراعي بهذا اعتقاد المعتقد في سلطة عليا وخالق أعظم عند أتباع الديانات كتابية كانت أم وثنية. أو عند كثير من الملاحدة الذين يستكبرون عن الاقرار بالدب الخالق ، فيضطرون إلى إثبات (مطلق) هو سبب الوجود بزعمهم، ويعرِّف عبد الرحمن البدوي المطلق بأنه «ما هو بذاته» أي أنه مستقل بذاته، منفصل عن غيره، قائم بنفسه، غير مشروط بشرط أو بغيره. ومن ثمَّ يميز أربعة أنواع للمطلق: المطلق المحض أو البسيط. والمطلق بذاته. المطلق بالنسبة إلى غيره. والمطلق في جنسه. والأول: هو الله، أو الموجود الأول، أو علة العلل. ثم يقول: وفي الفلسفات ذوات النزعة الدينية في القرن العشرين اتِّجاه واضح إلى استعمال كلمة «المطلق» مكان كلمة «الله»، وأحيانًا يستعملون كلمة «القيمة المطلقة» للدلالة على المطلق بمعنى «الله». «موسوعة الفلسفة» 2/448.

([15]) المقصود: إذا كان الظنُّ أو الاحتمال في وجود الله. {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 43].

([16]) «البراجماتية» ترجمة العريان، ص: 317 و362. وترجمة وليد شحادة، ص: 245 و269. ونقله برتراند رَسِل Bertrand Russell في «تاريخ الفلسفة الغربية ـ الكتاب الثالث: الفلسفة الحديثة»، ترجمة: د. محمد فتحي الشنيطي، الهيئة المصرية العامة للكتاب: 1977م، ص: 472 وما بعدها. واجتهدت في صياغة كلام جيمس وفقًا لهذه الترجمات الثلاث.

([17]) «الفلسفة المعاصرة في أوروبا» تأليف: إم. م. بوشنسكي، ترجمة: د. عزت قرني، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت:1992م، ص: 160.

([18]) «تاريخ الفلسفة الغربية» ص: 474-475.

([19]) نقله وِل ديورانت في: «قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، حياة وآراء أعاظم رجال الفلسفة في العالم»، ترجمة: فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف بيروت: ط6/1408، ص604، ونسبه لكتابه: «الشك وإيمان الحيوان»، وقال عنه قبل ذلك ص602 ـ بعد أن نوَّه بالشهرة الواسعة التي نالها سنتيانا عندما نشر كتابه: «حياة العقل» بمجلداته الخمسة ـ: «أثار دهشة العالم مرة ثانية بنشره كتابه القيم: «الشك وإيمان الحيوان» في عام 1923م. وأعلن أن هذا الكتاب مقدمة لنظام فلسفي جديد، لقد كان من الممتع أن نرى رجلًا في الستين من عمره، يبحر في رحلات بعيدة جديدة، ويخرج كتابًا عنيفًا في فكره، جميلًا في أسلوبه، كغيره من كتبه السابقة، ...».

قال عبد الحق التركماني عفا الله عنه: ليس هذا المبحث عن النفعية والبراغماتية إلا إشارة موجزة إلى فلسفة واسعة بنظرياتها ومذاهبها وتفريعاتها، ولها حضورها وتأثيرها البالغ في حياتنا المعاصرة، لهذا سأجوِّد البحث فيها في أبحاثي القادمة إن شاء الله تعالى، ويحسن بي أن أحيل من أحبَّ التوسع في التعرف عليها إلى كتاب: «مذهب المنفعة العامة في فلسفة الأخلاق» للدكتور توفيق الطويل (1909-1991م)، وهو كتاب نفيس في إحكام المادة العلمية وحسن العرض للنفعية بتاريخها ومذاهبها المختلفة، يستفيد منه غير المتخصص في الفلسفة أيما استفادة.

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©
تنفيذ مؤسسة المفهرس لتقنية المعلومات