منهج مركز دراسات تفسير الإسلام في نشر المقالات العلمية


يعمل (مركز دراسات تفسير الإسلام) في إطار التخصص الدقيق لبيان التفسير الصحيح للدين، ونقد التفاسير السياسية والاجتماعية والحضارية والنفعية المنحرفة عن الفهم الصحيح للمقاصد الكلية للوحي والنبوة والشريعة والعبادة. وهذا الفهم الصحيح قدرٌ مشترَكٌ ـ في الجملة ـ بين علماء الإسلام قديمًا وحديثًا، على اختلاف فرقهم ومذاهبهم وتوجهاتهم العلمية والفكرية، حيث لم يخالفهم فيه ـ مخالفةً كليَّةً ـ إلَّا غلاةُ الفلاسفة والباطنية والزنادقة.

إن مرجعية (مركز دراسات تفسير الإسلام) تتمحَّضُ في اتِّباع نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة، بفهم السلف الصالح وأئمة الدِّين، الذين هم أهل السنة والجماعة، وأهل الحديث والأثر، لكن عندما يتعلق الأمر باستحضار التقريرات الصحيحة في تفسير الدين ومكافحة التفسيرات المنحرفة؛ فإن (المركز) يحرص على الاستفادة والإشادة والتنويه والاقتباس والإبراز لكل كلمة أو مقالة أو مبحث أو بحث أو رسالة أو كتاب يخدم تخصُّصَ (المركز) وأهدافه النبيلة، ومساعيه المستمرة، ما وجدنا إلى ذلك سبيلًا بالبحث والتتبع والاستقصاء.

من هنا: فلا يعجبنَّ قارئٌ، ولا يستنكرنَّ ناقدٌ؛ إن وجد في منشورات (المركز) ـ في الموقع الرسمي أو في وسائل التواصل الاجتماعي ـ نقولات كثيرة متنوعة عن علماء ومفكرين ومثقفين ـ من المتقدمين أو المتأخرين أو المعاصرين ـ عُرفوا بانحرافات في الاعتقاد أو المنهج أو الدعوة، فلا يكون ذلك مانعًا من الاستفادة منها، فنحن ـ هاهنا ـ في بابٍ يشترك في أصله كلُّ فرق الأمة التي هي في دائرة الإسلام، وإن كانوا يختلفون في مصادر التلقي، وفي أصول الاستدلال، وفي أساليب العرض والبيان، ولا شك أن التطواف بين هذه الأفكار لالتقاط فرائد الأفهام، والاستدلال بالمعاني الصحيحة منها خيرٌ وحسنٌ إذا وضح عليه برهانُ الحقِّ. وقد قال ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751): «فمَن هداه اللهُ سبحانه إلى الأخذ بالحقِّ حيث كان، ومع مَن كان، ولو كان مع مَن يُبغضُه ويُعاديه، وردِّ الباطل مع مَن كان، ولو كان مع مَن يحبُّه ويواليه؛ فهو ممَّن هُدِيَ لِما اختُلِفَ فيه مِن الحقِّ، فهذا أعلم الناس وأهداهم سبيلًا، وأقومهم قيلًا». (الصواعق المرسلة، دار العاصمة، الرياض: 1408، 2/516).

من هنا؛ فإن (المركز) يتحمَّل مسؤولية ما ينشره لكاتبٍ ما، لأنه لم يتمَّ ترشيحُ مقاله للنشر إلَّا على أساس صحة المحتوَى، وإصابة الحقِّ، وخدمة الفكرة الصحيحة. ثم من بديهة القول: أن (المركز) لا يتحمل مسؤولية ما لم ينشره لذلك الكاتب نفسه، سواءٌ كان حقًّا أو باطلًا.

ومن بديهة القول ـ أيضًا ـ أن هذا لا ينافي ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة من وجوب هجر أهل البدع المخالفين للسنة والجماعة، وعدم أخذ العلم، وعدم النظر في كتبهم، ووجوب ذمهم والتحذير من رؤوسهم ودعاتهم؛ كما قال أبو محمد البغوي الشافعي (ت: 516): «وقد مضت الصحابة والتابعون، وأتباعهم، وعلماءُ السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم». (شرح السنة: 1/227).

وقال أبو إسحاق الشاطبيُّ المالكيُّ (ت: 790): «إن فرقة النجاة، وهم أهل السنة، مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، ونحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بموالاتنا والرجوع إلى الجماعة». (الاعتصام: 1/158).

نقول: نعم؛ هذا هو الأصل في معاملة أهل البدع، وهو الحالة الراتبة المستقرة، ولا يمنع هذا من الاستفادة منهم لسبب عارض، وغرض مخصوص، ومصلحة راجحة. والبحث هنا متعلق بطلبة العلم والباحثين، وليس بعامة القراء والمثقفين الذي يجب عليهم الابتعاد عن كتب أهل البدع ودعوتهم.

وقد سلك شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) هذا المنهج في الرد على المخالفين للحقِّ في المسائل الجلية الواضحة، فاحتجَّ عليهم بأن مخالفتهم ليست مخالفة لأهل السنة والجماعة فحسب، بل لكثير من طوائف الأمة، من ذلك قوله في بعض مباحث إثبات الصفات: «لا اختصاص للحنابلة بذلك، بل هو مذهب جماهير أهل الإسلام، بل وسائر أهل الملل وسلف الأمة وأئمتها. وفي الجملة: فإثبات هذه الصفات هو مذهب الصفاتية من جميع طوائف الأمة، مثل الكلابية وأئمة الأشعرية، وهو مذهب الكرامية». (بيان تلبيس الجهمية، مجمع الملك فهد، 1426، 1/251).

وقال أيضًا: «والصفاتية هم السلف والأئمة وجميع الطوائف المثبتة للصفات: كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية وغيرهم من طوائف الأمة». (مجموع الفتاوى: 6/40).

وكذلك كان من منهج شيخ الإسلام ـ أيضًا ـ أن الحق يقبل وإن كان من أهل البدع، يقول شيخ الإسلام في «مقدمة التفسير»:

«وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيرًا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير المأثورة وأعظمها قدرًا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة، لكن ينبغي أن يُعطى كلُّ ذي حق حقه ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب».

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421) في شرحه:

«هذا من كلام الشيخ رحمه الله، وهو يدل على أن الرجل منصف وعادل، وأن الحق ولو كان من أهل البدع يجب أن يقبل، وأن أهل البدع إذا كان بعضهم أقرب إلى السنة من بعض يجب أن يثنى عليهم بهذا القرب، وأما أن نرد ما قاله أهل البدع جملة وتفصيلاً، حتى ما قالوه من الصواب، ونقول هذا قاله صاحب بدعة، فهذا خطأ؛ لأن الواجب أن يقول الإنسان الحق أينما كان ولا ينظر إلى قائله، ولهذا قال يجب أن يعرف الرجال بالحق، لا الحق بالرجال، وأنت إذا عرفت الحق بالرجال فمعناه أنك مقلد محض، لكن إذا عرفت الرجال بالحق، وأنه إذا كان ما يقولونه حقًّا فهم رجال حقًّا فهذا هو العدل، فالشيخ رحمه الله يقول: يجب أن يُعطي كلُّ ذي حق حقه. حتى ولو كان من أهل البدع وكان قريبًا من أهل السنة فإننا نعطيه حقه، ونقول إن هذا المبتدع أقرب إلى السنة من هذا المبتدع». [شرح مُقدمةِ التَّفسير (ص124). ط. مؤسسة الشيخ].

فكيف إذا كان هذا الحق في مسائل هي من أصول الدين.

إن (مركز دراسات تفسير الإسلام) يسعى أن يكون منبرًا علميًّا دعويًّا في مواجهة التفسير السياسي والنفعي للإسلام، ويتصف بذلك بصفة الشمولية والعالمية، ويكون للأمة الإسلامية ـ كلِّها ـ، فالانحراف في هذا الباب خطيرٌ، وضرَرُه على عقائد المسلمين وعباداتهم جسيمٌ، لهذا سيجد القارئ والباحث والمستفيد في هذا المنبر العلمي النقل والاستفادة من:

1- أئمة الدين من السلف الصالح ـ الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان رحمهم الله تعالى ـ ومَن سار على نهجهم من العلماء الأعلام في مختلف الأعصار والأمصار. ثم الأئمة الأربعة المقبولين عند جميع المسلمين قبولًا عامًّا: أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (ت: 150)، وأبو عبد الله مالك بن أنس (ت: 179)، وأبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204)، وأبو عبد الله أحمد بن حنبل (ت: 241). والأئمة الكبار: أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224)، وأبو بكر ابن أبي شيبة (ت: 235)، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256)، وأبو محمد عبد الله بن قتيبة الدِّيْنَوَري (276)، وأبو عبد الله محمد بن نصر المروزي (ت: 294)، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310)، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت: 311)، وأبو بكر محمد بن حسين الآجري (ت: 360)، وأبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (ت: 386)، وأبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري (ت: 387)، وأبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الأصبهاني (ت: 395)، وأبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي (ت: 418)، وأبو عمر أحمد بن محمد الأندلسي الطلمنكي (ت: 429)، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد السِّجْزِي (ت: 444)، وأبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (ت: 449)، وأبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت: 463)، وأبو المظفَّر منصور بن محمد السمعاني (ت: 489)، وأبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني (ت: 535)، وأبو محمد عبد الغني المقدسي (ت: 600)، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت: 620)، وأبو العباس شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني النميري (ت: 728)، وأبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت: 751)، وزين الدين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (ت: 795)، وغيرهم كثير.  

ثم الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت: 1206)، وأئمة الدعوة النجدية الإصلاحية، والشيخ محمود شكري الآلوسي (ت: 1343)، والشيخ أحمد محمد شاكر (ت: 1377)، والشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (ت: 1386)، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت: 1389)، والعلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي المفسر (ت: 1393)، والشيخ تقي الدين الهلالي المغربي (ت: 1407)، والشيخ عبد العزيز بن باز (ت: 1420)، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني (ت: 1420)، والشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421)، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت: 1429). وغيرهم كثير.  

2- الفقهاء المبرَّزون من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم، فمن الحنفية: كــــ: أبي جعفر الطحاوي (ت: 321)، وأبي بكر السَّرْخَسِي (ت: 490)، وأبي بكر بن مسعود الكاساني (ت: 587)، والكمال ابن همام السِّواسي (ت: 861)، وغيرهم. ومن المالكية: كــــ: أبي الفضل القاضي عياض اليحْصُبي (ت: 544)، وأبي عمر يوسف بن عبد البر (ت: 463)، وأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت: 474)، وغيرهم. ومن الشافعية: كــــ: أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني (ت: 264)، أبي بكر الشَّاشي القفَّال الكبير (ت: 365)، وعلي بن محمد الماوَرْدِي (ت:450)، وأبي محمد عز الدين ابن عبد السلام (ت: 660)، وأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت: 676)، وغيرهم. ومن الحنابلة: كــــ: شيخ الحنابلة في وقته أبي الوفاء ابن عقيل البغدادي (ت: 513)، وأبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت: 597)، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت: 620)، وأبي عبد الله محمد بن مفلح (ت: 763)، وغيرهم. ومن الظاهرية: أبي محمد علي بن أحمد حزم الظاهري (ت: 456) وغيره.

3- أهل الكلام من المعتزلة كــــ: أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: 255)، والقاضي عبد الجبار بن أحمد (ت: 415). ومن الماتريدية كــــ: أبي منصور محمد بن محمد الماتريدي (ت: 333)، وعلي بن سلطان ملا علي القاري (ت: 1014)، ومن الأشاعرة كــــ: أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت: 330)، وأبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت: 403)، وأبي بكر محمد بن الحسن بن فورك (ت: 406)، وأبي منصور عبد القاهر البغدادي (ت: 429)، وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458)، وأبي المعالي الجويني (ت: 478)، وأبي حامد الغزالي (ت: 505)، وأبي عبد الله فخر الدين الرازي (ت: 606)، وأبي الحسن الآمدي (ت: 631)، وغيرهم.

4- أهل التصوف كــــ: أبي عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي (ت: 243)، وأبي عبد الله محمد بن علي الترمذيِّ، الملقب بالحكيم الترمذي (ت: 320)، وأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي (ت: 412)، وأبي محمد مكي ابن أبي طالب (ت: 437)، وأبي الفضل جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت: 911)، وغيرهم.

5- علماء التفسير على اختلاف مدارسهم، فمنهم السلفي كــــ: أبي الفداء ابن كثير الدمشقي (ت: 774)، والمعتزلي كـــ: أبي القاسم محمود بن عمرو الزمخشري (ت: 538)، والأشعري كــــ: أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (المتوفى: 671هـ)، والماتريدي كــــ: أبي البركات عبد الله بن أحمد النسفي (ت: 710)، والصوفي كــــ: أبي الثناء شهاب الدين محمود بن عبد الله الألوسي الجد (ت: 1270)، والمعاصر السَّلفي كــــ: الشيخ جمال الدين القاسمي (ت: 1332)، والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376)، والمعاصر الفكري كــــ: الأستاذ وحيد الدين خان.

6- أهل العلم والفكر والقلم في العصر الحديث: فمنهم: الأستاذ محمد رشيد رضا (ت: 1354) صاحب مجلة المنار، والأستاذ عبد الحميد بن محمد بن باديس الصنهاجي (ت: 1359)، ومن شيوخ الأزهر كــــ: الشيخ محمد مصطفى المراغي (ت: 1364)، والشيخ محمد الخضر حسين (ت: 1377)، وغيرهم. والشيخ محمد حامد الفقي (ت: 1378)، والشيخ محمد بن بشير الإبراهيمي (ت: 1385)، والأستاذ محب الدين الخطيب (ت: 1389)، والشيخ أبو الحسن علي بن عبد الحي النَّدْوي (ت: 1420).

7- أهل الأدب والفكر والثقافة: كــــ: مصطفى لطفي المنفلوطي (ت: 1343)، ومصطفى صادق الرافعي (ت: 1356)، والأمير شكيب بن حمود أرسلان (ت: 1366)، والأستاذ محمود محمد شاكر (ت: 1418)، والأستاذ علي الطنطاوي (ت: 1420).  

8- المستشرقون والمفكرون من غير المسلمين.

9- والاستفادة ـ أيضًا ـ من البحوث التي تنشرها الجامعات والمراكز البحثية، والمجامع العلمية، وما يصدر عن المؤتمرات والندوات.

وخلاصة جميع ما تقدَّم: أننا نسعى للاستفادة من كل كلمة صائبة، ومقالة نافعة، دون أن يكون ذلك ـ بالضرورة ـ تزكيةً لصاحبها، ولا موافقةً لكلِّ ما قالَه وكتبه، والله من وراء القصد، ومنه نستمد العون والتوفيق.

 

مركز دراسات تفسير الإسلام

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©