قال أبو حامد الغزَّاليُّ (ت: 505) رحمه الله في خاتمة كتابه: «تهافت الفلاسفة»: «تكفيرهم لا بدَّ منه، في ثلاث مسائل:
إحداها: مسألة قدم العالم، وقولهم: إن الجواهر كلها قديمة.
والثانية قولهم: إن الله تعالى لا يحيط علمًا بالجزئيات الحادثة من الأشخاص.
والثالثة: إنكارهم بعث الأجساد وحشرها.
فهذه المسائل الثلاث لا تلائم الإسلام بوجهٍ، ومعتقدها معتقدٌ كَذِبَ الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، وأنهم ذكروا ما ذكروه على سبيل المصلحة، تمثيلًا لجماهير الخلق وتفهيمًا، وهذا هو الكفر الصُّراح، الذي لا يعتقده أحدٌ من فرق المسلمين»([1]).
وقال الإمام القاضي عياض بن موسى المالكيُّ (ت: 544) رحمه الله: «وكذلك من دَانَ بالوحدانية وصحة النبوة، ونبوة نبينا عليه السلام، ولكن جوَّز على الأنبياء الكذب فيما أتوا به، - ادعى في ذلك المصلحةَ بزعمه، أو لم يدعها- : فهو كافر بإجماع، كالمتفلسفين وبعض الباطنية والروافض، وغلاة المتصوفة وأصحاب الإباحة؛ فإن هؤلاء زعموا أن ظواهر الشرع وأكثر ما جاءت به الرسل من الأخبار عما كان ويكون من أمور الآخرة والحشر والقيامة والجنة والنار ليس منها شيء على مقتضى لفظها، ومفهوم خطابها، وإنما خاطبوا بها الخلق على جهة المصلحة لهم، إذ لم يمكنهم التصريح لقصور أفهامهم، فمضمونُ مقالاتهم: إبطالُ الشرائع، وتعطيل الأوامر والنواهي، وتكذيب الرسل، والارتياب فيما أتوا به»([2]).
الهوامش:
([1]) «تهافت الفلاسفة» تحقيق: سليمان دُنيا، دار المعارف، القاهرة: 1972م، ص: 307-309.
([2]) «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» دار ابن حزم، بيروت: 1423، ص: 451.