علي الهويريني وتحريف غاية العبادة



النص:

يقول الهويريني كما في الفيديو المرفق من برنامج (الليوان) لعبد المديفر، على قناة (الخليجية)، بتاريخ: 16/6/2019:

«لماذا أنا أصلي؟!، لك حقًا تسأل، واحد يقول لي: للعبادة، لماذا فرض الله هذه العبادة؟، هل هو بحاجة إلى هذا السجود أم هنالك نظام يكفل صلاح الحياة الدنيا، ولن تصلح الحياة الدنيا إلا بالالتزام لأنه لا يمكن أن ننجح في الحياة حتى نلتزم، وبما أن الحياة تحتاج إلى التزام لتصلح من زراعة الشجرة إلى صناعة الطائرة، الله فرض علينا هذه الصلوات التي تعلمنا الالتزام لننجح، حي على الصلاة حي على الفلاح ....»

التعليق:

الأستاذ علي الهويريني (1945-2022) ـ رحمه الله تعالى ـ ممثل ومخرج وشاعر سعودي، عُرف بآرائه الأخلاقية والاجتماعية، وقد أساء ـ غفر الله له ـ عندما خاض في أمور اعتقادية وشرعية دقيقة، ومن ذلك كلامه هذا حيث فسر حقيقة العبادة بأن غايتها إقامة نظام سلوكي وأخلاقي.

لا شكَّ أن هذه العقيدة مخالفة لأصل دين الإسلام، كما بيَّنا في منشورات كثيرة، وهنا نعيد التأكيد على بعض المفاهيم الكلية:

- ما ذكره علي الهويريني هو بالضبط نظرية ابن سينا وغيره من غلاة الفلاسفة في أن الأنبياء وضعوا «العبادات» حتى تكون وسيلة لالتزام العامة بـ: «الشرائع» التي بها صلاح «نظام» دنياهم. وهذا من أخطر الأصول التي خالفوا بها عقيدة المسلمين في حقيقة العبادة والنبوة.

- «الله غني عن عبادتنا ولا يحتاج لخدمتنا» مقدمة صحيحة، لكن الدعوى المبنية عليها باطلة وهي أن العبادة لا تتعلق بالله بل هي راجعة للإنسان؛ فقد دل القرآن والسنة على: أنها تتعلق به سبحانه لأنه يستحقها بذاته وجلاله وعظمته وهو يحبها ويرضاها ويفرح بها ويغضب لتضييعها.

- نعتقد أن الأستاذ عليًّا الهويريني تجاوز الله عنَّا وعنه لم يدرك البعد الفلسفي الإلحادي لما ذكره، ولم يقصد موافقة عقائد الباطنية، لكن هذا «الانحراف والضلال» قد انتشر في الأمة، وتأثر به أكثر المثقفين، وهم لا يشعرون. فلا بد من بذل الجهود في مكافحتها والتحذير منها.

- لا شك في أن تقوى الله وإقامة الصلاة والتزام السنن والآداب الشرعية من أهم أسباب صلاح الناس باستقامة سلوكهم وتهذيب أخلاقهم والعدل بينهم، لكن هذا ثمرة ونتيجة لإقامة العبودية لله تعالى، فهي سبب لها وليست وسيلة. كما أن تحقق هذا ممكن وليس بواجب، وإن تحقق فسيتحقق في إطار محدود بأشخاصه وزمانه ومكانه. وهو صلاح بالمعنى المعنوي الأخلاقي، وليس بالمعنى المادي البحت الذي يمنِّي به دعاة التفسير النفعي والمادي للدين.

راجع للمزيد:

مذاهب الناس في منفعة العبادة وحكمتها

ترغيب الناس بالسجود بتعظيم فوائده الدنيوية

العبادة والصحة الجسدية

هل جاء الدين لتنظيم الحياة وعمارة الأرض

التَّقلُّل من الدنيا والظلم الاجتماعي

الاستغفار ومصالح الدنيا معادلة رياضية

هل هدف الرسالة هو إصلاح الأخلاق؟

 

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©