هل تذوقنا حلاوة الصيام؟



نص المنشور:

الصوم يعالج أمراض الجهاز الهضمي حيث يعالج الصيام الأمراض المزمنة مثل تشنج القولون والاضطرابات الهضمية لأنه يعمل على تنظيم وتنشيط خلايا الدم والدماغ والقلب، كذلك يعمل على تخفيض الوزن الزائد وصيانة الجسم من السموم، وبالنتيجة تزول هذه الأمراض، وصدق الله القائل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184] فهل نتذوق حلاوة الصيام؟!!

التعليق:

1- تكلمنا في مقالات كثيرة سابقة عن ترويج مثل هذه الفوائد وإشاعتها بين الناس، وبيَّنَّا ما فيها من مخالفات شرعية، وأنَّ هذه الفوائد إن ذكرت فإنها تذكر على سبيل التبع، وحذرنا دائمًا من جعل العبادات كأنها وصفات طبية علاجية خالية من المعاني الروحية التي هي الحكمة من تشريعها، وقطب رحى هذه المعاني عبادة الله جلَّ وعلا.

2- اللَّافت في هذا المنشور قوله ـ بعد سرد الفوائد الصحية ـ: «وصدق الله القائل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} [البقرة] فهل نتذوق حلاوة الصيام؟!».

لا شك أن تذوُّق حلاوة الصيام من تذوُّق حلاوة العبادة، والتي هي من تذوُق حلاوة الإيمان، وقد نص النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على أنَّ حلاوة الإيمان تكون في حب الله ورسوله، والحب في الله ورسوله، فقال: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ». البخاري (16). ثم نص على أن تذوق طعم هذا الإيمان متوقف على ثلاثة أصول، وهي: «مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» كما أخرجه مسلم (56).

فمن عرف تلك المعاني العظيمة ومعنى تذوُّق الطاعة على الوجه المشروع، ثم جعل حلاوة الطاعة في العمل لأجل تحصيل المنافع العاجلة، لم يفهم حقيقة العبادة ولا الغاية الحقيقية من تشريعها، وقد ضل في ذلك أقوام! فمن جعل الغاية من هذه العبادات تهذيب الأخلاق، وسياسة الناس لإصلاح حياتهم في الدنيا، فقد شابه الفلاسفة ـ كأمثال ابن سينا والفارابي وغيرهم ـ، من هذه الحيثية! فالحذر الحذر من سلوك طريقهم وتنكب منهجهم، ولتعلم أخي المسلم أنَّ من أول شباكهم ـ التي يصيدون بها الناس ـ الكلام عن مقاصد العبادات بعيدًا عن هدي الكتاب والسنة وفهم علماء الأمة، والله الهادي إلى سواء السبيل.

راجع للمزيد:

- (المقاصد الكبرى للصيام).

- (نقض التفسير النفعي للصيام).

- (المقصود من الصيام للشيخ ابن عثيمين).

- (هل سمعت بصيام البطريق؟).

- (الصيام وحفظ المناعة).

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©