هل جاء الدين لتنظيم الحياة وعمارة الأرض؟



نص المنشور:

قال الداعية الصوفي علي الجفري: لم يأتي الدين ليكون هو منظم الحياة فحسب بل جاء ليوجد فينا قابلية تنظيم الحياة وحسن عمارة الأرض بمقتضيات الخلافة عن الله تعالى.

التعليق:

1- من محاسن الإسلام تنظيمه للحياة بجعلها مستقرةً يسودها الأمن والأمان والعدل والانصاف، والمحبة والإخاء، وفيه من الفوائد النفسية والاجتماعية الشيء الكثير، وهذا من فضل الله ورحمته، ليعلم الكافر والمنافق أن هذا هو الحق، فلعلهم يهتدون فيعبدون الله وحده، ويزداد المؤمنون يقينًا وإيمانًا، فيحسنون في العبادة والطاعة، فرجع الأمر إلى عبادة الله وتعظيمه، التي هي الغاية من الدين، وما عدا ذلك فهو وسيلة لتلك الغاية.

2- لا يجوز أن نضع الوسائل في مرتبة الغايات والمقاصد، فعمارة الأرض وسيلة، وعبادة الله غاية، والوسيلة تطلب بحسب الحاجة التي تتحقق بها الغاية، وما عدا ذلك يكون من المباحات التي لا تكليف فيها فضلًا أن تكون من الغايات، بل التوسع فيها قد يفضي إلى التحاسد والتنافس والتباغض ومن ثم التقاتل، فتتعطل الغاية التي من أجلها خلقنا الله، وذلك مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فأبْشِرُوا وأمِّلُوا ما يسُرُّكُمْ، فواللهِ لا الفَقْرَ أخْشى عليْكُم، ولكنْ أخشَى عليْكُم أنْ تُبْسَطَ عليْكُم الدُّنْيا كما بُسِطَتْ على مَنْ كان قبْلكُم، فَتنَافَسُوها كما تَنافَسُوها وتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ». البخاري (3158).

3- الله عز وجل لم يستخلفنا عن نفسه في عمارة الأرض، وهذا فهم غلط للآية: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، فالله هو الذي خلق الأرض والسماء وما بينهما، وهو الذي خلقنا وخلق أعمالنا، والصحيح في معنى الآية ـ كما ذهب إليه جماهير المفسرين ـ أن المراد أن يخلف بعضهم بعضًا، وليس هذا بيان للغاية من خلق آدم، بل هو بيان لحاله وحال ذريته في الأرض كما شاء الله أن تكون، والغاية من خلقه بينها سبحانه بقوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

4- أخيرًا: العجيب أن من يدعي هذا الكلام هو من كبار دعاة التصوف في هذا العصر، ممن يجوزون الاستغاثة بغير الله، والتمسح بالقبور والبناء عليها والادعاء بأن الأولياء قادرون على الخلق!، هذا غير تجويز الرقص والقفز فيما يسمى حلقات الذكر!، إلى غير ذلك من الضلالات والخرافات، فإن جاز أن يكون الدين جاء لتنظيم الحياة فلا شك أن التصوف الذي ينادي به الجفري هو أكبر مفسد للحياة ونظامها وعمارتها ، فكيف يكون الشرك بالله منظمًا للحياة، والله تعالى يقول: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22].

للمزيد راجع:

-(الاستخلاف هو عمارة الأرض).

-(عمرو خالد وحكمة الخلق).

-(حقيقة التوحيد عند القرضاوي).

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©