ترغيب الناس في السجود بتعظيم فوائده الدنيوية



التعليق:

في هذا المقطع عدة ملاحظات:

١- ترغيب الناس في السجود بتعظيم فوائده الدنيوية ليس من هدي الإسلام في شيء.

٢- السجود من أظهر مقامات الذل لله وتعظيمه وتكاد تتفق الفطر والعقول على ذلك، ولهذا يجب ترغيب الناس بالسجود من خلال إبراز عظمة الخالق المستحق للعبادة والخضوع والتعظيم من كل وجه.

٣- بين النبي صلى الله عليه وسلم غاية السجود وثمرته بقوله: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، فالقرب من الله عز وجل هو الغاية والمطلب الذي يسعى إليه العبد في حياته الدنيا سواء حصل المنفعة الدنيوية أو لم يحصل.

٤- هذه المنافع - إن صحت - غايتها أن تكون في المراتب الأخيرة من ثمرات السجود، ولا ينبغي التركيز عليها فضلا عن جعلها هدفًا يُسعى إليه، لأنها تؤدي إلى نزع روح العبادة وحقيقتها التي شرعت لها، وتجعلها حركات رياضية يستوي فيها المؤمن والكافر.

٥- ليس من الصعب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين للصحابة أن الذاكرة وقوة الجماع تصبح أقوى عند من يكثر السجود، ومع ذلك لم يفعل بل لم يرغب بهذه العبادة إلا بربطها بالآخرة والأجر والثواب، ولم يتعرض قط في شيء من أحاديثه لأي فائدة دنيوية أبدا فقال عليه الصلاة والسلام: (عليْكَ بالسُّجودِ؛ فإنَّكَ لا تسجُدُ للَّهِ سجدةً إلّا رفعَكَ اللَّهُ بِها درجةً، وحطَّ بِها عنْكَ خطيئةً) صحيح ابن ماجه (١١٧٧).

٦- من أبرز أضرار هذا التفسير النفعي للدين؛ رده الشرع لنصرة نظريته المزعومة، فانظر كيف رد هذا المتكلم الأحاديث الصحيحة في إثبات محاولة إفساد الشيطان الصلاة على المصلي من خلال إشغاله بحاجته في الصلاة حتى لا يدري كم صلى مع أنه قبل الصلاة لم يفعل ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه (إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فإذا قُضِيَ التَّأْذِينُ أقْبَلَ حتّى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَرَ حتّى إذا قُضِيَ التَّثْوِيبُ، أقْبَلَ حتّى يَخْطُرَ بيْنَ المَرْءِ ونَفْسِهِ يقولُ له: اذْكُرْ كَذا واذْكُرْ كَذا لِما لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِن قَبْل حتّى يَظَلَّ الرَّجُل ُما يَدْرِي كَمْ صَلّى) صحيح مسلم (٣٨٩) وأخرجه البخاري (٦٠٨).

فجعل هذا المتكلم كلام النبي صلى الله عليه وسلم من خيالات الناس نصرة لهوسه بالتفسير النفعي للدين.

والله المستعان.

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©