الحكمة من النهي عن شرب الماء قائما ومن الشرب ثلاثًا



أن تشرب الماء وأنت جالس: يذهب من جسمك جميع الترسبات الضارة، ومنها الترسبات التي تسبب حصوات الكلى. أما الشرب ثلاثًا: فإنه كلما شربت وتوقفت للتنفس يأخذ الجسم أوكسجين، ويعطي أنسولين للجسم، والأنسولين يحمي من مرض السكر.

التعليق:

هذه الصورة فيها ترسيخ المفهوم النفعي البَحْت للعمل بالسنة النبوية.

وفيه من المحاذير:

  • إن النهي عن الشرب قائمًا مسألة خلافية، وقد ثبت في (صحيح البخاري وصحيح مسلم) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا من زمزم. وفي (صحيح البخاري) عن النَّزَّال بن سَبْرة قال: أتى عليٌّ رضي الله عنه على باب الرَّحْبة فشرب قائمًا، فقال: إنَّ ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإنِّي رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلتُ. ووردت أحاديث في النهي عن الشرب قائمًا، منها ما في (صحيح مسلم) عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ (وفي لفظ: نَهَى) عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا. وقد رجح كثير من العلماء أحاديث الإباحة، ورجح آخرون أحاديث النهي، وجمع فريق ثالث بينها: بأن النهي محمول على كراهة التنزيه، وأن الإباحة لبيان الجواز، وقال آخرون: إن الشرب جائز إذا كان للحاجة، ويكره لغير الحاجة، وهذا اختيار ابن تيميَّة، وتلميذه ابن القيِّم.
  • إفساد نية الناس في تسننهم، فلا ينالون أجراً في الآخرة: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}.
  • جعل بعض الحِكم الظنية علّةً للشرع. وفيه إفساد في الأصول لا سيما القياس، عند تصور حُكم المسائل المختلفة لدى الناس. فيتوهمون أن السنة عامةً شرعت مجرد وسيلة لتحصيل هذه المنافع الصحية في الدنيا. فتصبح الدنيا غايةً للمتعبِّد. مع أن هذه المسألة ـ تحديدًا ـ ليست تعبدية محضة، فتعليلها بالمنفعة الصحية من غير تكلف في الحكمة ولا كذب في التعليل؛ أمر صحيح مقبول، لكن ينبغي أن يكون الحامل على اتباع السنة: التعبدُ لله تعالى بتصديق النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وامتثال أمره، واتباع هديه.
  • فتح ذريعة لإفساد الإيمان بالسنة النبوية: ففي حال أبطل مُبطلٌ حصول هذه الفوائد، تتعرض السنة للتشكيك والترك، إذ لم يعد هناك غاية لأجل العمل بها عند هؤلاء المنحرفين في تعليلها. وحينئذ قد يلجأ المتكلم الذي على طريقة المتكلمين في الدفاع عن الدين ـ إذا أُلجم وأُفحم ـ إلى نفي كونها سنةً أصلاً. فيرمي الحديث بالضعف خشية التشنيع عليه.
  • فتح الباب للمتلاعبين؛ حيث يمكن أن يذكروا أشياء غير موثقة ولا علمية، وقد تكون صارخة على نفسها بالبطلان في تصور أجهل العوام مثل قوله: (أن التوقف عن الشرب للتنفس يزيد الأكسجين والأنسولين). فإن كان المقصود من السنة النبوية هو زيادة الأكسجين، فيمكن الاعتراض على ذلك بأن التنفس واقفًا عند الشرب خلافُ السنة، وذلك لا يؤثر في كمية الأكسجين. ويمكن التنفس دون إبعاد الكوب أو الإناء، وهذا خلاف السنة، بل إن اتباع السنة بحيث لا يتنفس زفيرًا إلا خارج الإناء يؤدي إلى تأجيل الزفير إلى ما بعد إبعاد الكأس والتأجيل في التنفس يؤدي إلى إنقاص الهواء المستنشق بالشهيق. فهاهنا اتباع السنة لم يؤثر في زيادة التنفس، بل خلاف السنة يعطي نفس الكمية أو أكثر من الأوكسجين.
جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©