كتب عمرو خالد على حسابه الرسمي في (فيسبوك) بتاريخ (19 ديسمبر 2012م). ما نصه:
(من كتاب دعوة للتعايش للدكتور عمرو خالد:
خلق الله الأرض .... أنسيتم حكمة الخلق؟
إعمار الأرض وإصلاح الأرض ...وكيف تعمر ونحن غير مختلفين عن بعضنا البعض لنتبادل الثقافات والأفكار والمنافع؟ فأضحى الاختلاف هو الهدف من الخلق لتعمر الأرض، فإذا كنا شكل واحد لأضحت الأرض فقيرة جداً، أرأيتم عظمة الآية ..." وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا")
التعليق
- خلق الله الخلق مختلفين مع أنهم من أصلٍ واحد، وذلك ليتم التعارف بينهم فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13]، وبهذا التعارف يتبادلون المصالح والمنافع ويحصل بينهم التناصر والتوارث وغير ذلك، ولكن لا يلزم من هذا الاختلاف حصول إصلاح الأرض فضلًا عن إعمارها، فأحيانا يكون الاختلاف سبباً في الإصلاح وأحيانا يكون سبباً في الخراب والفساد وذلك لاختلاف الرغبات والشهوات والنيات والمقاصد إلى غير ذلك من أسباب الاختلاف.
- إنَّ الثمرة الحقيقيَّة من هذا الاختلاف ذكرها ربنا في نهاية الآية فقال {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فاقتضت حكمته - جل وعز - هذا الاختلاف لتظهر آثار صفاته وأسمائه الحسنى، فيكرم المتقي ويجازي المسيء، ويتميَّز المصلح من المفسد، ويُعرف المؤمن من الكافر، وكل ذلك راجع الى تحقيق العبودية لله، فمن كان لله أعبد كان عند الله أكرم.
- إعمار الأرض وإصلاحها بما مكَّننا الله من الأسباب في ذلك، من مِنَنِ الله علينا، لتكون وسيلةً وتذكرةً لنا في أداء حق الله والتوبة إليه وتحقيق التوحيد وإظهار الذُّل له والتعظيم فلا حول ولا قوة إلا بالله، فتأمل قوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -عن تفسيره هذه الآية: ({هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ} أي: خلقكم فيها {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته.
{فَاسْتَغْفِرُوهُ} مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي، وأقلعوا عنها، {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة، {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب.)([1])
- الإصلاح الحقيقي للأرض بل وللعالم أجمع، إنما يكون بطاعة الله وتحقيق توحيده ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس السعي وراء زخرف الحياة الدنيا فإن هذا من التحريف لمفهوم الإصلاح المقصود، قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: (ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك؛ فسببه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى غير الله. ومن تدبر هذا حق التدبر وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه وفي غيره عموما وخصوصا ولا حول ولا قوة إلا بالله)([1])
- الادعاء بأن حكمة الخلق هي إعمار الأرض وإصلاحها، عقيدة غلاة الفلاسفة كالفارابي وابن سينا وغيرهم، الذين يدَّعون أن إصلاح المجتمع وتحقيق العدل والسعي في إيجاد المدينة الفاضلة!! هي مهمة الإنسان في الأرض ولهذا السبب شُرعت العبادات وبُعثت الرسل وأُنزلت الكتب.
راجع:
(حقيقة عقيدة التوحيد عن القرضاوي)
(الاستخلاف هو عمارة الأرض)
(مذاهب الناس في منفعة العبادة وحكمتها)
([1]) مجموع الفتاوى (15/ 25)
([1]) تيسير الكريم الرحمن (ص: 384)
([2]) مجموع الفتاوى (15/ 25)