نص المنشور:
بيولوجيا الإيمان: يقترح البحث الجديد أن الصلاة لها قوة هائلة على شفاء الأمراض، عبر علم جديد يدعى Psychoneuroimmunology كذلك يحاول العلماء دراسة تأثير الأفكار والعقيدة على دماغ الآخرين، ويؤكدون أن ما تحمله من أفكار يؤثر على من حولك من دون أن تتحدث معهم.
منطقة الناصية: تنشط أثناء الصلاة، وهذا يساعد على اتخاذ القرارات الصائبة.
المنطقة العلوية: تنشط أثناء ممارسة الصلاة.
جذع الدماغ: هناك عمليات كيميائية معقدة تحدث أثناء ممارسة الصلاة.
المنطقة الخلفية: مسؤولة عن الوساوس والصرع، النشاط ينخفض فيها أثناء الصلاة.
التعليق:
- هذا العلم المذكور psychoneuroimmunology هو علم المناعة العصبية النفسية، أو: مناعة الغدد الصماء النفسية، ويدرس هذا العلم التفاعل بين العمليات النفسية وبين الجهازين العصبي والمناعي في الإنسان. ويستفاد من هذا العلم ملاحظة ظواهر التأثير والتأثر بين الحالة النفسية والعصبية للإنسان على صحته الجسدية، وقوة مناعته ضد الأمراض، خاصة السرطان.
- عُرف بالاهتمام بهذا العلم وإسقاطه على الممارسات الدينية والروحية الدكتور أندرو نيوبيرج Andrew Newberg، مدير معهد ماركوس للصحة التكاملية، بجامعة توماس جيفرسون بالولايات المتحدة.
- إن نتائج دراسات الدكتور أندرو نيوبيرج مبنية على تطبيق تلك الدراسات على المتدينين والمصلين والروحانيين من أي دين كانوا، بغض النظر عن صحة الدين والمعتقد، لا فرق بين مسلم موحد ولا نصراني يعتقد بأن الله ثالث ثلاثة، وأن الله هو المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، ولا وثني مشرك يعبد الأصنام والأوثان. وبالتالي فإن قبول هذه الدراسة يفتح الباب للقول بوحدة الأديان، وتصحيح العبادات الكفرية والشركية، ومساواتها بالعبادة التوحيدية الإسلامية.
- إن تأثير الحالة النفسية على صحة الإنسان ومناعته؛ أمر ظاهر معروف، ولا يحتاج لهذه الدراسات المتكلفة، وكل إنسان يدرك هذا من نفسه وممن حوله، ومن أوضح الأمثلة: أن الإنسان إذا رأى من يحب قُربه أو جاءته بشارة سارَّة؛ يجد في صدره انشراحًا وراحةً، وإذا رأى من يبغض وينفر عنه أو جاءه خبر محزن أو مفزع؛ يجد في صدره ضيقًا وحرجًا، وكم من إنسان علم بتلف ماله أو إفلاس تجارته فأصيب بجلطة قلبية، وكان في ذلك هلاكه.
- يتبيَّن بهذا أن كل من يقوم بعمل عن رضًا ورغبة وإقبال واعتقاد بحسنه ومنفعته؛ فقد يجد بذلك راحة نفسية، وفائدة صحية، وقوة جسدية، لا فرق بين من كان على حقٍّ أو باطلٍ في هذه الدنيا، لكن معيار الحق والقبول عند الله تعالى: إخلاص العبودية لله تعالى واتباع شرعه الحنيف، لهذا قال الله تعالى في سورة الكهف: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)}.
- أما في العقيدة الإسلامية فقد شرعت الصلاة لذكر الله وإظهار العبودية له، التي هي الغاية الحقيقية للخلق، وكان من أعظم ثمراتها ـ لمن أداها بحقها ـ الحفاظ على صاحبها من مقارفة الفواحش والمنكرات التي تغضب رب الأرض والسماوات.
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]: (ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها. وثَمَّ في الصلاة مقصود أعظم من هذا وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر الله بالقلب واللسان والبدن. فإن الله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة، وفيها من عبوديات الجوارح كلها، ما ليس في غيرها، ولهذا قال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ})([1])
أمَّا هذه الفوائد المدَّعاة، فقد تكون صحيحة، لكنَّها لا تعدو أن تكون في حيِّز الظُّنون والتَّكهنات، فقد يثبت فيما بعد بطلانها، فيعود أثر ذلك سيئًا على الناس في تشكيكهم بدينهم وضعف في ايمانهم، بل وحتى لو ثبتت صحة هذه الفوائد قطعًا، فلا ينبغي أن تُجعل في المرتبة الأولى من ثمرات هذه العبادة، التي هي من أعظم العبادات في إظهار الذل والتعظيم لله لرب العالمين، بله أن تنشر بين الناس على بطاقات.
وفي هذا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية؛ فمثلًا يقولون في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات، والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة)([2]).
وراجع:
(التداوي بالصلاة والاستشهاد الباطل)
(سلمان العودة: أتينا الصلاة من أجل أن نتدرب!)
(الصلاة في المراكز الرياضية الهولندية)
الهوامش:
([1]) تيسير الكريم الرحمن (ص: 632)
([2]) كتاب العلم 100-101